عندما نرا الذل الذي وقع به العالم الإسلامي نحن إلى ماضينا , و إلى أيامه العظيمة , التي كان بها المسلمون أعزه , و من هذا المنطلق أردت أن أريكم بعض من الرسائل التي كانت في هذا العهد .
(1) بين ملك الروم و أمير المؤمنين هارون الرشيد
من نقفور ملك الروم إلى هارون الرشيد ملك العرب
أما بعد …
فإن الملكة التي كانت قبلي , أقامتك مقام الرخ , و أقامت نفسها مكان البيدق , فحملت إلك من أموالها ما كنت حقيقاً بحمل أمثالها إليها , لكن ذلك ضعف النساء وحمقهن , فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها , و افتد نفسك بما يقع به المصادرة لك , و إلا فالسيف بيني وبينك.
استفز هذا الكتاب غضب هارون الرشيد فأرسل إليه مجيباً ….
بسم الله الرحمن الرحيم
من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم .
قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة , و الجواب ما تراه دون ما تسمعه و السلام . (1)
==================
(2) بين تيمور لنك و بايزيد الأول
رسالة تيمور لنك إلى با يزيد
الحمد لله و الصلاة على من لا نبي بعده و على آله وصحبة اجمعين ,
بعد التحية التامة , أيها الملك في الروم بايزيد , اعلم فنحن في بلاد الله سلطان جديد , مظفر ومنصور على جميع الأمراء بالنصر و التأييد , فجملة الخلائق لنا عبيد , إن قره يوسف وسلطان أحمد قد هربا من سطوة سيوفنا وهيبة جيوشنا , ولا يخفى عليك أنهما مادة الفساد , وبوار البلاد , و دمار العباد , وهما كافران ,كفرعون وهامان , و جنودهما خاطئين ,وقد صاروا بمن معهما في حمى دياركم قاطنين , و أينما حلوا حلت النجوسة و الشؤم , و حاشا أن يكون مثلهما تحت جناح ملك الروم , و إياكم أن تصبحوهم , بل اخرجوهم , و خذوهم , بل احصروهم واقتلوهم حيث وجدتموهم , و إياك مخالفه أمرنا فيحل عليك دابر قهرنا , قد سمعتم أحوال مخالفينا و أحزابهم , و ما يراه بهم , ما في قرابهم , وتبين لكم ما فعلنا بهم , و لا تكثروا القيل و القال , فضلا عن جدال و قتال , وقد وصفنا لكم البراهين و ضربنا لكم الأمثال , وفي أثناء ذلك انواع التهديد و التخويف , و أصناف الع1اب و الأراجيف , و السلام علي من هداه الله , و الأمر يومئذ لله .
وجاء رد السلطان بايزيد قاسياً ….
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرفنا بالإسلام , و عززنا بالغزو عن سلاطين الأعراب و الأعاجم , و الصلاة على رسولة محمد خير الأنام , و على آله العظام و صحبه الكرام
اعلم أيها الكلب العقور الموسوم بالتيمور فهو أكفر من الملك التكفور . قد قرأنا كتاب أيها المشؤوم , إذ تخوفني بهذه المهملات و تخدعني بهذه الترهات , أنت تحسب أني مثل ملوك الأعجام , أو تتار الدشت الأعوام أو في جمع الجنود كجيش الهنود , أو فيي جمع جند في الكثره و الشقاق كجمع الهراة و العراق أو ما عندي من غزاه الإسلام كعساكر الحلب والشام , وثبت عندهما كيف تولي وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر , لأن افعالك نقض العهود والذمم , سفاك الدم وهتاك الحرم , فنحن أفضل السلاطين شرقاً و غرباً و أنت تعرف نظام جيوشنا وعساكرنا و قفت للقيام بتظافرنا و تناصرنا كم فرق بين من تكفل بأمر البغاه و الطغاه وبين من تحمل أمر الكماة و الغزاة فإن الحرب و الضرب دأبنا , و الجهاد صنعتنا , و شرعة الغزاة في سبيل الله شرعتنا , أن قاتل احد مكالبا على الدنيا فنحن المقاتلون فتكون كلمة الله هي العليا , و رجالنا باعوا انفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة في العقبى و حاصل الكلام أن كل أشغالنا و جل أحوالنا القتال مع أعداء الدين الكفرة و المتمردين , و اعلم أن ه1ا الكلام يبعثك إلى هذا الكلام إلى بلادنا انبعاثا, و إن لم تأت فزوجاتك طوالق ثلاثاً , و إن قصدت بلادي و أنا أفر عنك ولم أقاتلك البتة فزوجاتي طوالق ثلاثاً , و السلام على المسلمين فلعنة الله عليك وعلى من اتبعك اجمعين إلى يوم الدين . (2)
(1) ابن كثير البداية و النهاية , ج 10 ص 193-194
(2) فريدون بك , مجموعه منشآت السلاطين ص 120-121